ما هى أهم مراحل تطور علم الآثار عبر العصور

تعتبر مراحل تطور علم الآثار عبر العصور من أهم كلمات البحث للمهتمين بعلم الآثار والباحثين فى بدايات وتطور ونشوء علم الآثار، إما بغرض دراسة هذا العلم أورغبة الباحث فى العمل بالآثار، أو حبا فى زيادة ثقافته ومعرفته فى هذا النوع من المعارف. فإن كنت من هؤلاء فمرحبا بك فى موقعنا.

مراحل تطور علم الآثار

مراحل تطور علم الآثار عبر الأزمان و العصور

يهتم علم الآثار بالدراسة العلمية للماضي والسلوك البشري فى فترة تمتد لاكثر من ثلاثة ملايين سنة، ولم يبدأ علم الآثار فى الظهور كما هو حاله الآن بتلك الصورة من المنهجية والبحث والدراسات العلمية بل والتكنولوجية أيضا.

علم الآثار مثله مثل كل العلوم فى تاريخ البشرية، فقد مر علم الآثار بمراحل عدة عبر الزمن وتختلف كل مرحلة عن الأخرى اختلافا كليا على حسب الثقافة السائدة فى زمن من الأزمان وعوامل أخرى كثيرة.

مرحلة الفضول والهواية فى اقتناء الأثريات

تبدأ قصة علم الآثار مع مشاعر الفضول التى استحوذت على تفكير عدد من ملاك الأراضي وعشاق السفر والرحلات والمغامرة وتعتبر مرحلة الفضول والهواية هى أولى مراحل تطور علم الآثار عبر العصور حتى وصل إلى شكله الحالي.

التوقيت والزمن المحدد لمعرفة الفترة التى بدأ فيها الأقدمون الإلتفات إلى بقايا وآثار الماضي والبحث وحفر الأرض والمقابر من أجل العثور على بقايا القدماء غير معروف بالتحديد، ولكن هناك من الأمثلة التى تدل على أن ذلك الفضول والهوس ببقايا القدماء قد ظهر منذ زمن ليس بالقليل ، فمثلا
  • يقال أن أباطرة الإنكا كان لديهم هواية جمع بقايا وآثار من حضارة الموتشي حيث تم العثور على أواني فخارية رائعة فى أمريكا الجنوبية عند أباطرة الإنكا وعند دراستها وجدوا أنها تنتمي لحضارات الموتشي وتلك الحضارة قد مضى عليها قرون عدة.
  • فى العصور الوسطى عندما اكتشفت الأواني المزخرفة وأحجار الصوان والفوؤس الحجرية التى صنعها الإنسان القديم فى أوروبا، كانت تلك الأشياء مصدر إعجاب ودهشة فافتتن الناس بها وكانوا يقومون بجمعها ويضعونها فى حجرات خاصة بها كانوا يطلقون عليها حجرات العجائب.
  • كان الإمبراطور أغسطس لديه هواية جمع الهياكل للوحوش البحرية والتي كانت تعرف حينها باسم عظام العمالقة وكان أيضا مهووسا بجمع أسلحة الأبطال القدامى، وهذا ما ذكره عنه المؤرخ سويتونيوس.
  • فى بلاد البلقان وعلى الأخص فى مقبرة إحدى الأميرات التى تنتمى للتراكمين فى القرن الخامس فقد تم العثور أثناء الحفر على عدة فوؤس والتى تم صنعها فى العصر الحجري، مما يدل على أن تلك الأميرة وغيرها من الناس حينها كان لديهم فضول وشغف بتجميع تلك الآثار.
  • تم التأكد من أن تلك البقايا من القدماء كانت تثير فضول وإعجاب سكان أفريقيا والهند فهناك منهم من قام بتقديس تلك الآثار لما تركته من رهبة داخل نفوسهم ومنهم من استخدم تلك البقايا كتمائم يتعوذون بها من الأرواح الشريرة.
  • تم الكشف عن أشياء وبقايا يدوية الصنع صنعت منذ آلاف السنين فى مواقع لقبائل الارهوك بأمريكا الشمالية، وكان هذا الكشف فى الفترة بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر، وإن دل ذلك على شىء فإنما يدل على أن أفراد تلك القبيلة كان لديهم الفضول لإقتناء تلك البقايا التى تركها القدماء
  • عندما اكتشفت المنحوتات اليونانية والرومانية أصبحت مصدر إعجاب للعائلات الثرية فقاموا بهواية جمع الآثار الكلاسيكية وعرضها والإعجاب بها كما أدت هذه المنحوتات واكتشافها الى اتجاه الفنانين المعاصرين لدراسة تلك الأشكال الكلاسيكية.

الإهتمام بالآثريات لنهب المقابر والتجارة فى الآثار

بعد أن عرف الكثيرون أن الأثريات هى بقايا وآثار من حضارات شعوب سابقة وأصبحت تعد من الكنوز الثمينة التى يتهافت عليها الملوك والاثرياء، فقد أدى هذا الأمر إلى اتجاه البعض للنبش والتنقيب عن الآثار ليس بغرض الهواية أو الفضول أو حتى إقتنائها، بل أصبحت عملية تجارية بحتة تقوم على سرقة ونهب تلك الآثار وبيعها للاغنياء.

فظهر فى بدايات علم الآثار مجموعة من الأفراد الذين يقضون حياتهم فى البحث و نبش الآثار بغرض البحث عن الكنوز والإكتشافات الثمينة لبيعها لجامعي التحف من الأغنياء.

قام جنود يوليوس قيصر بالحصول على الأواني والبقايا البرونزية التى كانت تستقر مع الآثار العظمية فى المقابر وتم بيعها بأسعار مرتفعة فى روما ، وقد حدث ذلك فى العصر الروماني عندما كان يوليوس قيصر يؤسس المستعمرات الرومانية فى إيطاليا واليونان .

كذلك تم نهب وسرقة العديد والكثير من المقابر الفرعونية في مصر من أجل التجارة في الآثار حيث كان اللصوص ينبشون ويحفرون المقابر ويسرقون الآثار ويبيعونها للأجانب والأثرياء أو يتم تهريبها خارج حدود مصر.

وللأسف لا يزال نهب المواقع الأثرية مستمرا حتى اليوم جنبا إلى جنب مع أنشطة علم الآثار.

مرحلة البحث والتنقيب الممنهج للآثار

في القرن السادس عشر أحاط العلماء علما أنه يمكننا معرفة الماضي والحصول على معلومات عن أناس عاشوا منذ القدم من خلال دراسة البقايا والآثار التى تركوها، وقد وصف أحد العلماء الأوائل علم الآثار على أنه الفضول لمعرفة الماضي ولقد كان على حق فعلم الآثار هو الفضول لمعرفة كيف كان ماضينا.

ولذلك بدأت في شمال غرب أوروبا مجموعة من المهتمين بالآثار فى العديد من الدول مثل الدول الإسكندفانية وبريطانيا وغيرها بتكريس جهودهم لدراسة المعالم والبقايا الآخرين ووصفها.

في القرنين السابع عشر والثامن عشر، تطور الاهتمام بالآثار ودراستها وأصبح يخضع لعمليات من البحث والتنقيب أكثر منهجية من قبل، ومن مظاهر ذلك أن تزايد في الإهتمام بعمليات الحفر والتنقيب واستخراج هذه الآثار من المقابر ومن تحت الارض.

ومن مظاهر ذلك أيضا أن بدأ رواد الآثار يتعاملون مع عمليات التنقيب والحفر على أنها عمليات تشريح دقيقة فكانوا يقومون بتدوين كل شيء يلاحظونه، ثم يقومون فى النهاية بتحليل وفحص وتجميع تلك المعلومات.

وكان من نتيجة ذلك أن أدركوا العلاقة بين تلك الأشياء والمصنوعات اليدوية وطبقات التربة التى توجد فيها، فطالما تكون طبقات التربة العليا أحدث من السفلى فعليه يجب أن تكون الآثار التى يتم اكتشافها فى الطبقات السفلى تكون أقدم من لو اكتشفنا آثار أخرى فى الطبقات العليا من التربة.

ونتيجة لتلك المنهجية فى التنقيب والبحث فقد تزايدات عمليات التنقيب بشكل كبير على مستوى عدة دول وأماكن على مستوى العالم وخاصة مصر وفى التلال التى كانت مخصصة قديما للدفن فى أمريكا الشمالية وشمال غرب أوروبا .

علم الآثار الممنهج يحل محل الأثريات

منذ اوائل القرن التاسع عشر وحتى منتصفه بدأ علم الآثار يحل محل الأثريات حيث أصبح أقوى في طابعه المنهجي والعلمي بشأن الآثار التي خلفها الماضي.

نتيجة لهذا الطابع المنهجي والعلمي فقد ادت اكتشافات الادوات الحجريه في غرب اوروبا ومصر والعديد من الأماكن إلى اثبات على وجود الانسان منذ القدم.

فى سبعينيات القرن التاسع عشر قلت روح المغامرة فى تجميع القطع الأثرية، حيث بدأ اتجاه آخر فى البحث والتنقيب لمعرفة الماضي والبحث عن المعلومات تزامنا مع بدأ العلماء الألمان التنقيب والبحث فى موقعي أولمبيا وبابل.

بنهاية القرن التاسع عشر أصبح علم الآثار الفعلي مشروعا وعلما معترفا به ليس فقط من أجل البحث عن الكنوز أو من أجل الهواية أو التجارة، بل من أجل البحث عن المعلومات عن الماضي ودراسة حياه البشر والحضارات القديمة ومن أهمها الحضارة المصرية الفرعونية.

فى عام ١٩٠٠م توقف علم الآثار بشكل تدريجي على أن يكون عملا من أعمال الهواة، وكانت الأعوام الأولى من القرن العشرين هى أوقات تزايد الإحتراف فى علم الآثار والإكتشافات الثمينة، ومن بين أهم تلك الإكتشافات العثور على مقبرة الملك المصري الشاب توت عنخ آمون والتى افتتحت فى العام١٩٢٢م.

وكان من نتيجة المنهجية ودراسة الآثار أن ظهر على الساحة العديد من العلماء فى هذا المجال في مختلف المناطق الأثرية بالعالم، وفى ثلاثينيات القرن العشرين أصبحت لهم محاضرات ولقاءات فى مختلف الجامعات ويقومون بالتدريس ايضا. وتدريجيا أصبح علم الآثار عالميا وليس محصورا فى أوروبا والشرق الأوسط.

وطوال القرن العشرين كله وخاصة نصفه الأخير تحول علم الآثار من مجرد دراسة عادية إلى مشروعا علميا كبيرا له أهدافه وله تخصصات متعددة، ويرتكز أيضا على العديد من العلوم الأخرى والخبرات فى العديد من المجالات مثل علم الجيولوجيا والبيولوجيا وعلم الكيمياء علوم الإنسانيات والتصوير، كما يحتاج إلى علماء يمكنهم تحديد تاريخ المواد الأثرية.

علم الآثار فى العصر الحديث

في العصر الحديث أصبح علم الآثار علما متخصصا فى دراسة آثار الماضي ويتم تدريسه فى الجامعات الخاصة والحكومية على مستوى العالم، وله علماء متخصصون فى هذا المجال فى كافة الدول وأُنتجت له الكثير من الدراسات القيمة من كل المواقع الأثرية المنتشرة فى كل ناحية من نواحي العالم.

كما شهد علم الآثار تحولات عديدة بفضل الوسائل التكنولوجية الجديدة مثل تقنية الليدار التى يمكن أن تكشف عن أراض ومواقع كاملة في أعماق الغابات الاستوائية.

كما أصبح علم الآثار قائم على الأسس العلمية مثل تقنيات الإستشعار عن بعد واستخدام اشعه الليزر، وصور الأقمار الصناعية التي تخترق الأرض للعثور على المواقع الأثرية والتخطيط لعمليات تنقيب محدده للغاية.

وفى الآونة الأخيرة خضعت الأساليب والوسائل العلمية المتطورة كأدوات لفهم ودراسة الأثريات، وأصبحت الظواهر العلمية المختلفة مثل الإحترار العالمي وتغير المناخ وتأثير منسوب البحر، وغيرها من القضايا والظواهر تشغل بال علماء الآثار وتكون محط اهتماماتهم، وأصبحوا يمتلكون رؤية تاريخية طويلة الأمد لتغير المناخ مما يوفر خلفية للقلق الذى ينتاب العالم اليوم.

كما أصبحت الدراسات المهتمة بتوقيت وتأثير الزلازل وأمواج تسونامي التي حدثت في الماضي ذات أهمية بالغة لعلماء الآثار ويمكنهم من خلال تلك المعلومات التنبؤ بإمكانية حدوثها في المستقبل فى فترة زمنية ما وفى مكان ما.

كما تطور علم الآثار تطورا كبيرا مع التطور فى التكنولوجيا الرقمية وعمليات التصوير الدقيقة وكتابة المقالات البحثية على الإنترنت وصولا لحماية الآثار وترميمها.

لم تعد أعمال الحفر والتنقيب شائعة في علم الآثار مؤخرا أو الحديث وذلك بفضل ظهور تقنية الاستشعار عن بعد وقيامها تدريجيا لتحقيق حلم عالم الآثار بالقدرة على النظر تحت الأرض من دون القيام بعمليات الحفر، كما هو الحال في كشف آثار المايا

أصبح علم الآثار مهمة دولية تتعامل مع المشاريع طويلة الأجل والمتانمية مع قضايا مثل الاستدامة بدلا من مجرد العثور على المواقع الأثرية وتحديد عمرها.

الآن أصبح علم الآثار علما تقنيا للغاية وفي كل عام تسهل الإكتشافات الجديدة والتطورات التقنية والتكنولوجية علينا نوعا ما من النظر الى طريقة حياة الناس القدماء وما كانوا يعانونه والآن بفضل الذكاء الاصطناعي وشات جي بي تي يمكنك التحدث معهم ايضا.

أهم علماء الآثار عبر العصور

يعتبر الملك نابونيدوس الذي حكم بابل في القرن السادس قبل الميلاد هو أول عالم آثار فقد حفر في أرضية معبد حتى وصل الى حجر الأساس الذي وضع قبل آلاف السنين. 
ساهم العديد من رواد الآثار وعلماء الآثار فى نشوء هذا العلم وتطوره حتى وصل لما هو عليه الآن، ويمكن أن نعرض لأهم علماء الآثار كما يلي :

كان العالم الألماني يوهان يواخيم فينكلمان ١٧١٧م-١٧٦٨م أول من قام ببحوث علمية في علم الآثار وكان هو الباحث الأول الذي يدرس الحقائق عن المدن في مواقعها الأصلية.

واستنتج فينكلمان أن تلك القطع الأثرية هي مصادر مهمة للمعلومات عن مالكيها في الماضي وحول الحياة اليومية في العصر الروماني وحياة الشعوب وفينكلمان هو أول من وضع مبدأ أساسي في علم الآثار والذي ينص على أن كل القطع الأثرية مهما كانت بسيطة لديها حكايه ترويها.

فى الأيام الأولى لعلم الآثار ظهر علماء آمثال جون اوبري، ووليام ستوكيلي، وجون فرير، ثم جاء المنقبون الأوائل الذين استخرجوا مجموعة من القطع الأثرية من تلال الدفن الأوروبية، وكانت أهم اكتشافات تلك الفترة مدينتي بومبي وهركولانيوم وحجر رشيد وفك رموز اللغة المصرية القديمة.

ثم جاء علماء الآثار المغامرون الذين أضافوا أعمالا بطولية لعلم الآثار وكشفوا النقاب عن حضارات قديمة ومن هولاء العلماء بول إميل بوتا، وأوستن هنري لايارد، وفريدريك كاثروود، وجون لويد ستيفنس، وهاينريش شليمان.

ادخل العالمان جين جاكوب وورساي، وكريستيان يورجنسن تومسن بعض النظام إلى عصور ما قبل التاريخ بابتكارهما نظام العصور الثلاثة.

هناك اسماء علماء بارزة فى علم الآثار مثل العالم بيتري والذى كان مهتما بالآثار المصرية، وكولدوي فى الآثار البابلية، والعالم شليمان فى آثار بحر إيجة، وكذلك بيت - ريفرز فى آثار بريطانيا.

 والعالم ميلر فى بريطانيا والهند، ورايزنر ووولي فى الشرق الأدنى، والعالمان يولي وكيدر فى أمريكا، وكذلك بوردس وليروي وجورهاب فى فرنسا.

العالم ليوناردوولي الذى قام بأهم أعمال الحفر الكلاسيكية وعثر على المقابر الملكية فى مدينة أور فى العراق.

وختاما فقد تناولنا فى تلك المقالة مراحل تطور علم الآثار فقد بدأ علماء الآثار كحفارين من أجل الحصول على اكتشافات أثرية ثم تطور الأمر إلى البحث عن المعرفة والحضارات القديمة، أما اليوم فهم مهتمون بكل شيء من البحث عن الأصول البشرية مرورا بالثورة الصناعية إلى فنادق الحرب العالمية الثانية بالإضافة إلى استمرار التنقيب عن التماثيل والمقابر الأثرية.

رحاب يعقوب عباده
رحاب يعقوب عباده
تعليقات