![]() |
مشهد تخيلي لجريمة قتل والد فيدور دوستيوفيسكي |
وكيف استقبل دوستيويفسكي هذا الخبر؟ وهل ظهرت عليه أعراض مرض الصرع بعد مقتل والده؟ كل ذلك وأكثر سوف تتعرف عليه هنا فلا تغادر المقالة وكن معنا لتفوز بالمعرفة الحقيقية!
أسرار قتل والد فيدور دوستيويفسكي و إصابته بأول نوبة صرع
لكي نتعرف على أسرار جريمة قتل والد فيودور دوستيويفسكي وأول نوبة صرع يجب علينا ان نستعرض الحالة النفسية التي كان يعيشها الرجل ميخاىيل بعد وفاة زوجته.تغيرت أحوال "ميخائيل أندرييفيتش دوستيويفسكي" والد فيودور دوستيويفسكي بعد موت زوجته، حيث بدأت وتدهور حالته الصحية والمزاجية شيئاً فشيئاً ولم يستطع المكوث في المنزل بدونها اصطحب ابنته الصغيرتين " فيرا وأليكسندره " إلى قرية داروفوبي للحياة هناك في الريف.
أصبحت حياة الأب يسودها الإضطراب الحاد والتذمر والهلوسة نتيجة الإفراط في الشراب، وكانت خادمته التي تدعى أليونا فرولفنا تصف تلك النوبات من الهلوسة والدوخة بأنه كان يتحدث مع شبح زوجته بصوت عال ويردد نفس العبارات التي كانت تستخدمها في حياتها.
ولكي ينصرف عن سآمة العيش والشكوى والضجر اتخذ من إحدى خادماته خليفة له تدعي كاترين، وفكر أيضا بالزواج من امرأة ثرية تدعى أليكسندره لاغنونوف لكنه عزف عن ذلك في نهاية الأمر خوفا من الرفض.
أصبح الرجل يتصف بالبخل الشديد وامتنع عن الإنفاق على الأرض لزراعة المحاصيل، مما جعله يتعبد خسائر فادحة في المحاصيل التي لم تأتي بوفرة لعدم رعايتها جيدا.
كان الفلاحون يحتارون في كيفية التعامل معه، فإذا قدموا له التحية والتقدير برفع قبعاتهم عند رؤيته يصرخ فيهم ويقول لهم:
" أيها الأوغاد أنتم تنزعون قبعاتكم عمداً لكي تصابون بالبرد ولا تذهبوا للعمل! وإذا لم يقدموا له التحية الواجبة فلا مفر حينها من أن يقوم بجلدهم وتعذيبهم.
وهذا بالإضافة إلى صفة البخل الشديد لديه إذ كان يرهق الفلاحين بالأعمال الشاقة دون أن يعطيهم الأجر الذي يستحقونه، فكان شديد البخل على أولاده فكيف بالذين يعملون لديه.
وبعد تجميع الفلاحين لاحظ سيدهم والد دوستيويفسكي غياب ثلاثة منهم فسأل عنهم الوكيل ومراقب الأعمال وقالوا له أنهم مرضى، فغضب وبدأ يلوح بعصاه التي بها مسامير وقال: سأشفيهم بهذه!
طلب من سائق العربة لديه أن يذهب به إلى قرية تشيروماشني التي يسكن بها الثلاثة الذين تغيبوا عن العمل، وعندما وصل لمح الثلاثة من العمال يتسكعون بين المنازل فسألهم لماذا لم تذهبوا إلى العمل؟ قالوا نحن متعبون!
استشاط الرجل غضباً وهجم عليهم بعصاه فهربوا منه في منطقة خالية حتى يتبعهم ويتخلصوا منه دون أن يراهم أحد، وبالفعل قام بملاحقتهم وعندما دخل عليهم مسكه أحدهم من ذراعيه ويدعى فاسيلي نيكتكين.
انضم إليه زميليه وأوثقوه وألقوا به على الأرض وفتحوا فمه وسكبوا له كحولاً في حلقه ثم كمموه لكي يختنق حتى لا يظهر أن ذلك تم بفعل فاعل.
ثم قام أحدهم بالضغط بشدة وقوة على أعضائه التناسلية فاصابه الإغماء مباشرة وحملوه في العربة ولما أيقنوا بوفاته أرادوا أن يُحضروا له الكاهن لكي يقوم بالإعتراف فتركوه عند جذع شجرة.
رغم أنهم يريدون قتله إلا أنهم رأوا أنه لا يجوز أن يُترك المسيحي مهما كان سيئاً أن يموت دون إعترةف، ولما حضر الكاهن لقنه الإعتراف وهو صامت يتنفس فقط وساعده على لفظ أنفاسه الأخيرة.
سأل الكاهن سائق العربة عما حدث للرجل فقال حدث له إحتقان، وتم إخفاء الجريمة بعد التحقيق فيها حتى أن عائلة دوستيويفسكي لم تشأ أن تطالب بحق المتوفي خوفا على وضعها الإجتماعي وتناسوا الأمر .
وعندما جاءه نبأ مقتل والده غضب بشدة وحزن حزناً عميقاً ودخل في حالة من القلق والتوتر العصبي وتعرض للإنفعال الشديد وظهرت عليه أعراض الصرع وسقط على الأرض وبدأ جسده يتلوى ويتفلص من الألم.
على الرغم من أن دوستيويفسكي بدأ يعاني من مشاكل صحية عديدة بعد وفاة الأم ، إلا أنه يبدو أن هذه كانت أول نوبة صرع تعرض لها دوستيويفسكي لأننا ونحن نتابع قصة حياته منذ البداية لم نقع على دليل واحد يقول بحدوث حالة مثل تلك لفيدور قبل تلك المرة.
وقد اختلف المؤرخون في تحديد أول نوبة صرع تعرض لها دوستيويفسكي فهناك أقوال على أنها حدثت بعد وفاة الأب عام 1839 م ومنهم مَن ربطها بوقت تأليفه لرواية المساكين عام 1846 م.
بعد أن استفاق فيودور من نوبة الصرع بدأ يفكر خارج حدود المنطق في مسألة مقتل والده وبدأ ينظر لنفسه كأنه المسؤول بشكل ما عما حدث لوالده وأنه شريك في الجريمة لأنه تمنى ذلك.
وبعد كل صدمة من صدمات القدر التي تعرض لها دوستيويفسكي تجده يقترب أكثر من تلك المواطن داخل النفس والأسرار الخفية والتي عبر عنها بقوله:
" وهنالك أشياء من النوع الذي يخشى المرء أن يكشف عنها ويظهرها حتى إلى نفسه "
كل تلك الآلام جعلت من كتابات دوستويفسكي خارجة عن مجال السرد للواقع فقط، لكنها كانت إبحارا في أعماق النفس البشرية،رأى سيغموند فرويد أن مقتل الأب كان المحرك الأساسي لإبداعه، كمحاولةٍ منه لتخفيف الشعور بالذنب.
ففي رواية "الجريمة والعقاب"، يعاني راسكولنيكوف من هلاوس تشبه نوبات الصرع، بينما يُجسِّد فيودور في شخصية فيودور كارامازوف الأب (في الإخوة كارامازوف) صورةً مُرعبةً لوالده، كأنه يحاكم ذكرياته.
في رواية الأبله، يصوّر الأمير ميتشكين أثناء نوبة صرع كشخصٍ يرى العالم بنقاءٍ ميتافيزيقي، وهو انعكاس لتجربة الكاتب نفسه.
خاتمة
خصصنا تلك المقالة لنعرض فيها لأحداث جريمة قتل والد فيودور دوستيويفسكي وأول نوبة صرع له أوضحنا فيها عوامل حدوث الجريمة والتخطيط لها وكيف تم التنفيذ وتأثير ذلك الخبر على دوستيوفيسكي وحدوث أول نوبة صرع، وأثر موت الأب على كتابات دوستيويفسكي.
المصادر
تم تجميع مادة المقالة من كتاب دوستيويفسكي _ حياته وأعماله
تأليف هنري ترويا
ترجمة علي باشا
أصبحت حياة الأب يسودها الإضطراب الحاد والتذمر والهلوسة نتيجة الإفراط في الشراب، وكانت خادمته التي تدعى أليونا فرولفنا تصف تلك النوبات من الهلوسة والدوخة بأنه كان يتحدث مع شبح زوجته بصوت عال ويردد نفس العبارات التي كانت تستخدمها في حياتها.
ولكي ينصرف عن سآمة العيش والشكوى والضجر اتخذ من إحدى خادماته خليفة له تدعي كاترين، وفكر أيضا بالزواج من امرأة ثرية تدعى أليكسندره لاغنونوف لكنه عزف عن ذلك في نهاية الأمر خوفا من الرفض.
أصبح الرجل يتصف بالبخل الشديد وامتنع عن الإنفاق على الأرض لزراعة المحاصيل، مما جعله يتعبد خسائر فادحة في المحاصيل التي لم تأتي بوفرة لعدم رعايتها جيدا.
أسباب جريمة قتل والد دستيويفسكي
كان والد فيودور "ميخائيل أندرييفيتش دوستيويفسكي" يصب غضبه على الفلاحين وينتقم منهم لما أصابه من حزن وكآبة وكان يقوم بجلدهم في الإسطبل كما فعل أن غضب من أحد الفلاحين والذي يدعى فيدوت فاصطحبه للإسطبل وقام بجلده وتعذيبه.كان الفلاحون يحتارون في كيفية التعامل معه، فإذا قدموا له التحية والتقدير برفع قبعاتهم عند رؤيته يصرخ فيهم ويقول لهم:
" أيها الأوغاد أنتم تنزعون قبعاتكم عمداً لكي تصابون بالبرد ولا تذهبوا للعمل! وإذا لم يقدموا له التحية الواجبة فلا مفر حينها من أن يقوم بجلدهم وتعذيبهم.
وهذا بالإضافة إلى صفة البخل الشديد لديه إذ كان يرهق الفلاحين بالأعمال الشاقة دون أن يعطيهم الأجر الذي يستحقونه، فكان شديد البخل على أولاده فكيف بالذين يعملون لديه.
مؤامرة قتل ميخائيل أندرييفيتش دوستيويفسكي
في سنة 1839 م دبر الفلاحون مؤامرة قتل ميخائيل أندرييفيتش دوستيويفسكي سيدهم السيء عن طريق استدراجه إلى أحد الأماكن المهجورة، ففي صباح أحد الأيام من شهر يونيو استدعى "ميخائيل أندرييفيتش دوستيويفسكي" جميع الفلاحين لديه لكي يعملوا في نقل الزبل من المزرعة، وكانوا يعلمون بذلك.وبعد تجميع الفلاحين لاحظ سيدهم والد دوستيويفسكي غياب ثلاثة منهم فسأل عنهم الوكيل ومراقب الأعمال وقالوا له أنهم مرضى، فغضب وبدأ يلوح بعصاه التي بها مسامير وقال: سأشفيهم بهذه!
طلب من سائق العربة لديه أن يذهب به إلى قرية تشيروماشني التي يسكن بها الثلاثة الذين تغيبوا عن العمل، وعندما وصل لمح الثلاثة من العمال يتسكعون بين المنازل فسألهم لماذا لم تذهبوا إلى العمل؟ قالوا نحن متعبون!
استشاط الرجل غضباً وهجم عليهم بعصاه فهربوا منه في منطقة خالية حتى يتبعهم ويتخلصوا منه دون أن يراهم أحد، وبالفعل قام بملاحقتهم وعندما دخل عليهم مسكه أحدهم من ذراعيه ويدعى فاسيلي نيكتكين.
انضم إليه زميليه وأوثقوه وألقوا به على الأرض وفتحوا فمه وسكبوا له كحولاً في حلقه ثم كمموه لكي يختنق حتى لا يظهر أن ذلك تم بفعل فاعل.
ثم قام أحدهم بالضغط بشدة وقوة على أعضائه التناسلية فاصابه الإغماء مباشرة وحملوه في العربة ولما أيقنوا بوفاته أرادوا أن يُحضروا له الكاهن لكي يقوم بالإعتراف فتركوه عند جذع شجرة.
رغم أنهم يريدون قتله إلا أنهم رأوا أنه لا يجوز أن يُترك المسيحي مهما كان سيئاً أن يموت دون إعترةف، ولما حضر الكاهن لقنه الإعتراف وهو صامت يتنفس فقط وساعده على لفظ أنفاسه الأخيرة.
سأل الكاهن سائق العربة عما حدث للرجل فقال حدث له إحتقان، وتم إخفاء الجريمة بعد التحقيق فيها حتى أن عائلة دوستيويفسكي لم تشأ أن تطالب بحق المتوفي خوفا على وضعها الإجتماعي وتناسوا الأمر .
حدوث أول نوبة صرع لدوستيويفسكي
في نفس الوقت الذي كان الفلاحون يقتلون والده كان دوستيويفسكي قي مدرسة قصر المهندسين العسكرية يتذمر من والده ويهجوه بسبب بخله الشديد عليه، وكيف لهذا الأب القاسي أن يتركه هكذا للبرد الشديد والجوع دون نقود، وشعر كأنه يريد موت والده.![]() |
مشهد تخيلي بالذكاء الإصطناعي لاول نوبة صرع تعرض لها دوستيويفسكي |
على الرغم من أن دوستيويفسكي بدأ يعاني من مشاكل صحية عديدة بعد وفاة الأم ، إلا أنه يبدو أن هذه كانت أول نوبة صرع تعرض لها دوستيويفسكي لأننا ونحن نتابع قصة حياته منذ البداية لم نقع على دليل واحد يقول بحدوث حالة مثل تلك لفيدور قبل تلك المرة.
وقد اختلف المؤرخون في تحديد أول نوبة صرع تعرض لها دوستيويفسكي فهناك أقوال على أنها حدثت بعد وفاة الأب عام 1839 م ومنهم مَن ربطها بوقت تأليفه لرواية المساكين عام 1846 م.
بعد أن استفاق فيودور من نوبة الصرع بدأ يفكر خارج حدود المنطق في مسألة مقتل والده وبدأ ينظر لنفسه كأنه المسؤول بشكل ما عما حدث لوالده وأنه شريك في الجريمة لأنه تمنى ذلك.
تأثير موت الأب على كتابات دوستيويفسكي
وهنا بدأ دوستيويفسكي في الدخول في حالة غريبة لا تنتمي للحقيقة أو العدم، حالة من التفكير في أن الأفعال لا ترتبط بالذين قاموا بها بل بالذين كانت مشاعرهم وعواطفهم وأمنياتهم هي الدليل والبرهان على القيام بالفعل أو إرتكاب الجريمة.وبعد كل صدمة من صدمات القدر التي تعرض لها دوستيويفسكي تجده يقترب أكثر من تلك المواطن داخل النفس والأسرار الخفية والتي عبر عنها بقوله:
" وهنالك أشياء من النوع الذي يخشى المرء أن يكشف عنها ويظهرها حتى إلى نفسه "
كل تلك الآلام جعلت من كتابات دوستويفسكي خارجة عن مجال السرد للواقع فقط، لكنها كانت إبحارا في أعماق النفس البشرية،رأى سيغموند فرويد أن مقتل الأب كان المحرك الأساسي لإبداعه، كمحاولةٍ منه لتخفيف الشعور بالذنب.
ففي رواية "الجريمة والعقاب"، يعاني راسكولنيكوف من هلاوس تشبه نوبات الصرع، بينما يُجسِّد فيودور في شخصية فيودور كارامازوف الأب (في الإخوة كارامازوف) صورةً مُرعبةً لوالده، كأنه يحاكم ذكرياته.
في رواية الأبله، يصوّر الأمير ميتشكين أثناء نوبة صرع كشخصٍ يرى العالم بنقاءٍ ميتافيزيقي، وهو انعكاس لتجربة الكاتب نفسه.
خاتمة
خصصنا تلك المقالة لنعرض فيها لأحداث جريمة قتل والد فيودور دوستيويفسكي وأول نوبة صرع له أوضحنا فيها عوامل حدوث الجريمة والتخطيط لها وكيف تم التنفيذ وتأثير ذلك الخبر على دوستيوفيسكي وحدوث أول نوبة صرع، وأثر موت الأب على كتابات دوستيويفسكي.
المصادر
تم تجميع مادة المقالة من كتاب دوستيويفسكي _ حياته وأعماله
تأليف هنري ترويا
ترجمة علي باشا