فما السبب وراء هذا الهوس والجنون على الترند فى مصر ؟! فى تلك المقالة سوف نحاول تحليل الأمر للسعي الحسيس نحو الإجابة .

والأغرب من ذلك أن الغالبية العظمى من الناس تمضي قدماً في طريقها لتثبيت وتمجيد سطوة الترند فى الحياة اليومية، ومنح صانعيه ومروجيه ما تهفو نفوسهم إليه من الإنتشار كالنار فى الهشيم .
الترند فى مصر هوس وجنون فما معنى كلمة ترند فى السوشيال ميديا
فى مقالة الترند فى مصر هوس وجنون يجب اولا ان نتعرف على معنى كلمة ترند في السوشيال ميديا هى أهم حدث أو اكثر ظاهرة منتشرة بين مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي و التى تحوذ على اهتمام الغالبية العظمى من مستخدمي مواقع السوشيال ميديا وذلك وفقا لفترة زمنية محددة.
وقد تختلف تلك الفترة الزمنية من حيث الطول أو القصر على حسب قوة توظيف الترند للغرض المراد له،وكذلك تعتمد تلك الفترة الزمنية على ما تصبغه من تشكيل للرأي العام وتحديد توجهات الجماهير .ويتحكم فى قوة الترند نوعية الإهتمامات والاتجاهات والآراء السائدة في المجتمع، ومدى إهتمام العامة والناس بفحوى أو بمضمون الحدث الذى يشير إليه الترند.
ومن العوامل التى تعطى للترند قوة وإنتشار أن يتم تداوله على اوسع نطاق كان يتم تداوله محليا أو دوليا أو عالميا، وكذلك ان يتعلق الترند بمختلف اهتمامات الجمهور مثل السياسة والثقافة والفن والرياضة والترفيه .الهدف الحقيقي من الترند قبل تحريفه
فى البدء كان الهدف الأولي والحقيقي من الترند مرتبطًا بحدث أو تسليط الضوء على قضية مهمة أو ترويج لفكرة جيدة مثل حدث هام أو قضية مجتمعية أو صرخة احتجاجية أو مرتبطًا بشخصية مؤثرة أو جماعة أو منتج أو خدمة.
وكان الشيء المفهوم للأذهان فى البداية أن المحتوى الذي يصل إلى مكانة "الترند" يعنى أن هذا المحتوى مهم ومؤثر ومثير وجاذب وعلى قدر من المنفعة والفائدة.
لذلك كنا نرى الترند فى صورة أخبار عاجله يهتم بها فئة معينة من الناس دون غيرهم أو تنحسر فى مجموعة من الناس على حسب إهتمام كل فئة أو جماعة ومن أمثلة هذا النوع من الترندات ما يلي- الأحداث الهامة مثل نتيجة الإنتخابات الرئاسية أو إعلان نتيجة الثانوية العامة أو المباريات النهائية.
- القضايا المجتمعية مثل قضايا تهريب وتجارة المخدرات ،وقضايا البطالة، والتجارة والإقتصاد
- صرخات الاحتجاج مثل التحرش والإغتصاب والفساد.
- المشاهير ويشمل كل شخص فعال وله دور إيجابي ومنهم الكتاب والسياسيين والفنانين والعلماء،أو كل صاحب قضية تهم المجتمع.
- المنتجات والخدمات ومنها منتجات التكنولوجيا والتعليم والترفيه والأزياء
الترند فى مصر هوس وجنون
أصبح الترند فى مصر هوس وجنون لأنه ظاهرةً تجتاح حياة كل فرد فى المجتمع المصري ويغلب عليها الجنون وعدم التعقل.
وتحول من أداة ايجابية إلى وسيلة سلبية يمكن أن يمتلكها أى فرد للوصول بها إلى ما تهفو إليه نفسه من أحلام الشهرة وربح الاموال الطائلة عن طريق جني الكثير من المشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي أو السوشيال ميديا.
فأصبح ضرره أكثر من نفعه لتاثيره السلبي على المجتمع بعد ان أصبح الهدف الأول من ورائه هو السعي بصورة جنونية نحو الشهرة وجني الأموال الطائلة وغالبا ما تكون شهرة زائفة لا تستند إلى أي إنجاز أو قيمة حقيقية أو منفعة تذكر .
الآثار السلبية لهوس وجنون الترند
لوحظ مؤخرا التأثير السلبي لظاهرة الترند فى مصر على المجتمع المصري نتيجة السلوكيات الخاطئة التي يتبعها الذين يسعون وراء الترند بأي ثمن ، وهنا نسلط الضوء على أهم تلك الآثار السلبية مثل :-١ .التأثير على السلوك والخصوصية
- الإنغماس فى متابعة كل ما له صدى على وسائل التواصل الاجتماعي مما أدى إلى ضياع الوقت ونفاذه من بين أيدينا دون تحقيق شيء مفيد أو هدف حقيقي نسعى إليه .
- انتهاك لخصوصية الافراد واختراق وتعرية الحياة الأسرية ونشر كل ما يحدث على العامة دون قيد أو شرط والتركيز على كل صغيرة وكبيرة فى حياة الأشخاص من أجل الوصول للشهرة الزائفة عن طريق حصد ملايين المشاهدات فى وقت وجيز .
- اعتاد الناس على مشاهدة السلبيات يوميا فأصبح ذلك الشىء مألوفا ولم يجد مَن يتصدى لإنكاره أو تحجيمه، كما أدت تلك الظاهرة إلى ارتفاع معدل شعور الأفراد بالإضطراب النفسي والقلق الإكتئاب نتيجة قضاء الوقت الطويل على منصات التواصل الاجتماعي.
٢ التأثير على الفكر والعقول
ساعدت الترندات الناس على التفكير بطريقة سطحية فى مشاكل المجتمع والتركيز على كل ما هو تافه وعدم الإهتمام بمكنونات الأشياء والإكتفاء بالقشور دون اللباب، واغفال جوهر الأشياء.
أصبح مفهوم النجاح فى عقول الشباب منحصرا فى تحقيق الربح والشهرة على منصات التواصل الاجتماعي، وأن هذا النجاح والتفوق لا يحتاج إلى بذل الجهد أو العناء لأجله.٣ التأثير على القيم والأخلاق
أدت تلك الظاهرة إلى التغيير فى القيم والمعايير المجتمع المصري، فظهرت وسادت القيم الخاطئة والتافهة على حساب القيم الصحيحة وما ينفع الآخرين.كما أدت إلى غرس التمركز حول الذات من أجل المصلحة الشخصية فقط وهو ما نلاحظه من إنحراف واضح يظهر فى تلك الترندات فغالبا ما تكون الترندات عبارة عن فيديوهات مخلة للآداب العامة وقد تخترق الحياة الشخصية للأفراد دون مراعاة لمشاعر الآخرين .
ظهور الانحلال الأخلاقي بين الشباب نتيجة إنتشار المحتوى غير الهادف والذى تسود فيه عبارات مبتذلة وتدعو للإنحراف وتمجيد كل ماهو تافه ومنحط ولا يعود بأي منفعة تذكر على الأفراد أو الجماعات.
الإجابة على سؤال هل من تفسير ؟!
لكي نضع أيدينا على التفسير الصحيح لظاهرة الترند فى مصر هوس وجنون علينا أولا أن نفسر إنتشار تلك الظاهرة بصفة عامة محليا ودوليا أو نعرض للأسباب العامة لها و التى سوف نوضحها فى النقاط التالية:-- انتشار وسائل التواصل الاجتماعي: حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من أهم وسائل التواصل بين الناس، كما أنها أصبحت وسيلةً للوصول إلى الشهرة بسهولة، بالإضافة إلى أنها وسائل مجانية وفى متناول يد الجميع .
- حب الظهور : حيث يسعى الكثير من الناس إلى الظهور من أجل تحقيق أهدافهم الشخصية والرغبة فى الشهرة والتمجيد من الآخرين .
- التأثير الغربي: حيث تأثر الكثير من الشباب فى مصر بالثقافات الغربية التي تركز على الشهرة والظهور والسعي وراء المادة والتمركز حول الذات .
- الحالة الإقتصادية: التى يعيشها الأفراد فى المجتمع المصري من إنتشار الفقر وغلاء الأسعار و التى جعلت من كل شخص يحلم بالحصول على الربح ويحلم بالثراء مهما كلف الأمر و بأقل مجهود .
- ارتفاع نسبة البطالة بين الشباب وعدم توفر فرص للعمل مما دعى الكثيرين منهم بالإعراض عن مصاعب الحياة الاقتصادية الآخذة في التعقد والتوغل لينغمس فى وسائل التواصل الاجتماعي لعلهم يجدون فيها مبتغاهم .
- عدم تقدير قيمة الوقت وأهمية الإستفادة منه وكيفية تنظيمه فيما يفيد فأصبح كل الوقت يضيع عبثا على السوشيال ميديا و التى أصبحت متوفره ومنتشره وفى متناول يد الصغير قبل الكبير .
- التفكك الأسري والإنحلال الأخلاقي والإستهانة بعرض كل تفاصيل الحياة الأسرية و الحياة الشخصية وأسرار وتفاصيل المعيشية على الملأ دون حياء او خجل وذلك فقط بهدف الربح وجني المشاهدات.
- حب الوصول والشهرة وسيطرة فكرة السطوة على عقول البعض وصعود سلم الشهرة والانتشار بين الناس بسرعة الصاروخ بشكل جنوني في الأثير الافتراضي ومنه إلى واقع الحياة العامة للبقاء في دائرة الضوء والشهرة،أو خوض مضمار "حرفة" المؤثرين والمؤثرات.
- تحقيق النشوة والسعادة والرضا عن النفس والذات يصعب الحصول عليها من أى مصدر آخر بتلك البساطة واليسر عندما يعيش للحظات فى جنة الترند والتي تعطى للفرد صاحب الترند شعورا باهميته وبمدى تاثيره وهى فى الحقيقة مشاعر مزيفة لا تلبث ان تنتهى فى فترة زمنية قصيرة بانتهاء وقت الترند.
- الإنحطاط الفكري الذى وصل إليه الكثير من أفراد المجتمع نتيجة الميل إلى كل ماهو سطحى والاهتمام بالإغراءات الزائفة .
هل من حلول لمساوىء هوس وجنون الترند فى مصر
بالطبع هناك حلول ولكن شريطة أن نعترف أمام أنفسنا أن هناك مشكلة ومساوىء وظاهرة سيئة تحتاج لوقفة ووضع حلول لها، ومن وجهة نظري البسيطة يمكن تلخيص تلك الحلول فى النقاط التالية:-- إعطاء كل شىء قيمته الحقيقية
- تقدير قيمة الوقت والعمر
- التوعية بمخاطر تلك الظاهرة على نفسية الفرد والجماعة
- الإهتمام بتنمية الذات بالفعل والتمرين والجهد والمثابرة
- توعية الشباب بأن السعادة الحقيقية ليست فى الشهرة وربح الاموال الطائلة
- ولا يمكن أن تأتي من خارجنا بل تنبع من ذواتنا بأبسط الأشياء.
- التوعية بأن الأشياء التى نحصل عليها بسهولة ودون تعب منا فإننا نفقدها أيضا بنفس الطريقة أى فى لمح الصبر .
- الإيمان بأن شهرة الترند هى ما إلا شهرة زائفة ووقتية لأنها شهرة بلا هدف أو قيمة حقيقية.