سيرة المؤرخ ابن خلدون مؤسس علم العمران البشري

في هذه المقالة، سنغوص في حياة المؤرخ ابن خلدون رائد علم العمران البشري، منذ مولده في تونس حتى وفاته في القاهرة، مرورًا بكل التحولات الشخصية والسياسية التي شكّلت فكره الفريد، وسنكشف:كيف أثّرت نشأته الأندلسية في تكوينه الفكري؟ لماذا سجنه سلطان فاس؟ ماذا دار بينه وبين تيمورلنك في دمشق؟
سيرة المفكر ابن خلدون

ماذا قال ابن خلدون عن الدولة والعصبية؟ قراءة في سيرته ومؤلفاته

في زمن مضطرب، تهاوت فيه الممالك وتعاقبت الفتن، وُلد عقل جبار استطاع أن يستخلص قوانين العمران البشري، ويؤسس لعلم لم يكن معروفًا قبله: علم الاجتماع. إنه ابن خلدون، الذي لم يكن مجرد مؤرخ بل كان عالمًا في السياسة، الفلسفة، الاقتصاد، والقانون.

من هو ابن خلدون؟

العلامة ابن خلدون او المعروف ايضا ب ولي الدين عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أبي بكر محمد بن الحسن بن خلدون الحضرمي، المؤرخ والفيلسوف والعالم الاجتماعي، و هو واحد من أعظم العقول التي أنجبتها الحضارة الإسلامية. وُلد في 27 مايو 1332م في تونس لعائلة عربية أندلسية تنتمي إلى قبيلة حضرموت اليمنية، وقد نزحت عائلته من إشبيلية إلى شمال إفريقيا بعد سقوط الأندلس.  

ولفهم عبقرية ابن خلدون لا بد من التغلغل في تفاصيل حياته، من منشأه العلمي والسياسي، إلى أسفاره المضنية، وتقلباته في دوائر الحكم، وتجاربه التعليمية والفكرية التي صقلته حتى أصبح واحدًا من أعمدة الفكر العالمي.

البيئة الثقافية والسياسية التي نشأ فيها ابن خلدون

ولد ابن خلدون في تونس في فترة مضطربة سياسيًا وثقافيًا، حيث كانت دولة الحفصيين تسيطر على تونس، لكنها تعاني من الصراعات الداخلية والانقسامات السياسية، إلى جانب التهديدات الخارجية من المرينيين في المغرب والزيانيين في تلمسان.

أما ثقافيًا، فقد كانت تونس آنذاك مركزًا مزدهرًا للعلوم والدين واللغة العربية، وكان جامع الزيتونة مركزًا علميًا كبيرًا يقصده الطلاب والعلماء من أنحاء العالم الإسلامي.
في هذا المناخ، نشأ ابن خلدون في بيت علم ودين، فقد كان والده عالمًا ومهتمًا بالتعليم الديني، فحرص على تعليمه القرآن والحديث والفقه والمنطق واللغة.
وقد تأثر ابن خلدون بالحركة العلمية المزدهرة في تونس، لكنه تأثر أيضًا بعدم الاستقرار السياسي الذي انعكس لاحقًا على أفكاره حول نشوء الدول وانهيارها.

مراحل التعليم والتكوين

بدأ ابن خلدون تعليمه في سن مبكرة عن طريق الكتاتيب، فحفظ القرآن الكريم قبل سن العاشرة، ودرس العديد من العلوم والتي كانت مزيج من علوم شرعية ولغوية وعقلية على يد كبار العلماء.
ومن أمثلة العلوم التي تلقاها ابن خلدون
علوم القرآن والقراءات، الحديث وعلوم السند والمتن، الفقه المالكي وأصوله، النحو والصرف وعلوم اللغة العربية، البلاغة والأدب والشعر، التاريخ وأنساب العرب، المنطق والفلسفة النظرية، الحساب وبعض مبادئ الرياضيات.
من أبرز أساتذة ابن خلدون
في تونس (مسقط رأسه) محمد بن سعد بن برال الأنصاري: علّمه القرآن وعلوم اللغة، محمد بن عبد السلام المعروف بابن عبد السلام الهواري: أخذ عنه الفقه المالكي محمد بن عبد الله بن عرفة الورغمي (شيخ الإسلام بتونس): تتلمذ عليه في أصول الفقه والجد، محمد بن خلدون (قريبه): علمه فنون الأدب واللغة، محمد بن عبد الله بن مرزوق: درس عنده علوم الحديث"

في فاس (المغرب الأقصى) حين انتقل إلى المغرب درس على عدد من كبار العلماء، منهم:"أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الآبلي: كان من أبرز شيوخه في المنطق والفلسفة والرياضيات. ويُعد أكثر من أثّر فيه، أبو عبد الله محمد بن عبد المؤمن القيسي: في علوم النحو واللغة، أبو القاسم البرزلي: في الفقه المالكي،

في الأندلس (إشبيلية وغرناطة)

عاش فترة في الأندلس والتقى بعلمائها، وإن كانت دراسته الأساسية تمت في تونس وفاس، لكن الأندلس زادت من احتكاكه بالفكر الفلسفي والأدبي.

في عام 1348م اجتاحت تونس موجة الطاعون، وفقد ابن خلدون أسرته وجُلّ شيوخه، وكانت تلك التجربة صدمة نفسية وفكرية عميقة أثّرت عليه بقوة.
لاحقًا، غادر تونس إلى فاس بالمغرب، حيث أكمل تكوينه العلمي وتعرف على الحياة السياسية من الداخل، ودخل في خدمة البلاط المريني.

رحلات ابن خلدون وتقلباته السياسية

تميزت حياة ابن خلدون بكثرة التنقل بين الممالك الإسلامية في شمال إفريقيا والأندلس، حيث عمل في مناصب سياسية ودبلوماسية رفيعة، ولكنه تعرض أيضًا للسجن والنفي.
ابن خلدون في فاس
انضم إلى البلاط المريني في شبابه، وبدأ العمل في دواوين الدولة ككاتب، ثم كمقرّب من السلطان أبي عنان المريني. وبعد وفاة هذا الأخير، سُجن ابن خلدون لمدة عامين بتهمة التآمر، ثم أُفرج عنه وعاد إلى العمل السياسي.
ابن خلدون في تلمسان و بجاية
انتقل ابن خلدون إلى بجاية وعمل كوزير ومستشار للسلطان أبي عبد الله، ثم في تلمسان حيث تولى الوزارة أيضًا. لكن تقلبات الحكم بين المرينيين والزيانيين والحفصيين جعلت من ابن خلدون شاهدًا ومشاركًا في دوامة التحالفات السياسية، مما زاده وعيًا بأسباب نشوء الدول وسقوطها.
ابن خلدون في غرناطة
سافر إلى الأندلس سنة 1364م، حيث استقبله سلطان غرناطة محمد الخامس استقبالًا حارًا، وأُعجب بفكره وبلاغته، لكنه اصطدم لاحقًا بالوزير ابن الخطيب الذي رآه منافسًا، ما دفع ابن خلدون للعودة إلى المغرب.
ابن خلدون و العزلة في قلعة بني سلامة
في عام 1375م، وبعد أن ضاق ذرعًا بالصراعات السياسية، لجأ إلى قبيلة بني عرفة في الجزائر وأقام في قلعة بني سلامة لمدة أربع سنوات، وهناك تفرغ للتأليف وكتب كتابه الأهم: المقدمة، ثم كتابه الأكبر: "العِبَر"، و جعلته خبرته السياسية يبدو كمفكر بارع في تآليفه.
ابن خلدون في مصر
في سنة 1382م، توجه ابن خلدون إلى مصر بعد دعوة من السلطان المملوكي الظاهر برقوق، وهناك حظي بتقدير كبير، وعُيّن مدرسًا في المدرسة الظاهرية، ثم قاضيًا للمالكية في القاهرة.
تولى منصب القضاء ست مرات، وكان معروفًا بالحزم والنزاهة، لكنه لم يكن يساير الحكام، ولهذا كثيرًا ما عُزل وأُعيد.
في سنة 1400م، رافق السلطان الناصر إلى دمشق أثناء اجتياح تيمورلنك، وهناك التقى ابن خلدون مع تيمور لنك، وسجّل تفاصيل لقائه في مذكراته.
بعد عودته إلى مصر، اعتزل القضاء والحياة العامة، وتفرغ للتدريس في الأزهر.

تطور المسار الفكري وأفكار ابن خلدون

الخبرة السياسية كانت مدخل لفكر منهجي؛ الفكر عند ابن خلدون تطوّر من تجميع معلومات إلى تأسيس نظرية علميّة تحليلية تنطبق على المجتمعات والدول، نعرض مراحل تطور فكره كما يلي:
1. الانسحاب والكتابة في القلعة وولادة المقدمة (1377): 
خلال فترة اعتزال وجدل سياسي انسحب ابن خلدون إلى قلعةٍ اسمها قلعة ابن سلامة حيث أمضى مدة كتابة الجزء الأول من مشروعه الكبير، والمقدمة التي نعرفها الآن باسم "المقدمة" والتي أكملها حوالي سنة 1377. هذا العمل وضع أول مخطوطات منهجية لدراسة العمران الاجتماعي.
2. بناء مفهوم العصبية (ʿAsabiyyah) ونظرية دورة الدول
طوّر فكرة العصبية بوصفها قوة اجتماعية تفسر صعود القبائل والدول، وبيّن كيف أن العصبية تفقد فعاليتها مع انتقال الحكم من البداوة إلى الحضر، الأمر الذي يؤدي إلى دورة قيام دولة ثم تدهورها.
3. منهج نقدي للتاريخ واشتراطات التحليل
 رفض النقل الأعمى للأخبار التاريخية ودعا إلى فحص المرويات، مقارنة المصادر، والاستناد لملاحظات اجتماعية واقتصادية كأدوات تفسيرية. بهذا أصبح منهجه أقرب إلى منهج علمي في دراسة المجتمع.
4. إسهامات اقتصادية وديموغرافية 
قدّم رؤى مبكرة عن دور العمل في إنتاج القيمة، أثر الضرائب على الإنتاج، وعلاقة النمو السكاني بالثروة. هذه الملاحظات جعلته سلفاً في المجال الاقتصادي قبل أن يتبلور هذا العلم في العصور اللاحقة.
5. التعليم والتدريس في القاهرة وتأثيره العملي
بعد انتقاله إلى مصر، مارس التدريس والقضاء وكتب تقارير واستشارات للبلاط، مما وسّع دائرة تأثير أفكاره عبر طلاب ومحيط سياسي وعلمي،  تعاملاته مع سلاطين ومفاوضاته مع قادة كبرى في عصره أثّرت على طروحاته التاريخية.

التجربة العملية في بلاطات متعددة والتقلب بين مناصب ديوانية وقضائية أعطت ابن خلدون مادة أولية للتأمّل والتحليل، والنتيجة كانت تأسيس رؤية منهجية في دراسة العمران والدولة والمجتمع بقيت مرجعاً دراسياً عبر القرون.

أبرز مؤلفات ابن خلدون

ترك ابن خلدون خلفه القليل من المؤلفات لكنها كانت بمثابة كنز فكري ثمين، لم تكن مجرد كتب تاريخية بل تناول فيها أسباب ودواعي نشاة الدول وسقوطها ووضع أسس علم العمران البشري أو مباديء وأسسعلم جديد لم يكن موجود من قبل وهو علم الاجتماع.
وهنا نعرض بإيجاز لمؤلفات ابن خلدون:
مقدمة ابن خلدون
تُعد مقدمة ابن خلدون، وهي الجزء التمهيدي لكتابه "كتاب العِبَر وديوان المبتدأ والخبر"، من أهم الأعمال الفكرية التي عرفها التاريخ البشري، حيث أرست قواعد علم الاجتماع والعمران قبل أن يعرفه الغرب بعدة قرون

تمثل مقدمة ابن خلدون ثورة حقيقية في الفكر الإنساني، حيث لم يكتب قبله أحد بهذا العمق في تحليل الظواهر الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.
تناول في مقدمته:
  • العصبية كأساس للدولة: شرح كيف أن العصبية (الروابط القبلية أو الروحية) هي القوة المحركة لنشوء الدول، وهي التي تمنحها الشرعية، وعندما تضعف تنهار الدولة.
  • العمران البشري: ابتكر مفهومًا جديدًا لما يُعرف اليوم بعلم الاجتماع، وناقش أحوال البشر في البادية والحضر، وارتباط شكل العمران بنمط الحكم والاقتصاد والثقافة.
  • الدورة التاريخية للدول: رأى أن الدولة تمر بخمس مراحل: النشوء – الصعود – الذروة – الترف – السقوط. وأكد أن الترف يؤدي إلى الفساد ثم إلى الانهيار.
  • الاقتصاد والجباية: تحدث عن قوانين العرض والطلب، والضرائب، وأثر الجباية المفرطة على ضعف الإنتاج، وهي أفكار سبقت آدم سميث بقرون.
  • نقد المؤرخين: وضع منهجًا لنقد الروايات التاريخية، واشترط التحقق من المعقولية والسياق الاجتماعي قبل قبول الأخبار.
اليوم، تُدرس مقدمة ابن خلدون في جامعات العالم، وتُعد مرجعًا في الفلسفة والتاريخ وعلم الاجتماع، وأفكاره تُقارن بأفكار ماكس فيبر وأوغست كونت ونيكولو مكيافيلي
كتاب تاريخ ابن خلدون أو العبر وديوان المبتدأ والخبر
كتاب تاريخ ابن خلدون كتاب موسوعي في سبع مجلدات، كان الهدف الهدف الأساسي منه تسجيل التاريخ الإنساني من بدايته حتى عصر ابن خلدون،تناول فيه: تاريخ العرب والمسلمين، أخبار الأمم السابقة: الفرس، الروم، البربر، وغيرهم،وصف الحضارات وأسباب نهوضها وانهيارها.
المقدمة كانت الجزء الأول منه، لكنها انفصلت عنه مع مرور الزمن بسبب قيمتها المستقلة.
التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرقًا
هو كتاب سيرة ذاتية كتبه بنفسه، يوثق فيه تنقلاته بين تونس، المغرب، الأندلس، ومصر، ويكشف تفاصيل حياته السياسية ومواقفه مع الحكام ، ويعد هذا الكتاب مصدراً مهماً لفهم شخصيته والظروف اللي شكّلت فكره.

منهج ابن خلدون العلمي في تحليل التاريخ والمجتمع

ما يميز منهج ابن خلدون هو اعتماده على منهج تجريبي تحليلي قائم على الملاحظة، بعيد عن الأساطير والمرويات العاطفية، ويعتمد على الجوانب والمحاور التالية:
  1. الربط بين الأحداث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية: لم يكن يكتفي بسرد الأحداث، بل كان يحلل البنية الاجتماعية التي أنتجتها، فربط بين الجباية والفساد، وبين البدو والحضر، وبين السلطة والدين.
  2. الاستفادة من الفلسفة والمنطق: رغم كونه فقيهًا، فقد استخدم أدوات الفلسفة في تنظيم أفكاره وتفكيك الظواهر، فسبق بذلك المدارس الوضعية الغربية.
  3. رفض السرد الخرافي للتاريخ: انتقد المؤرخين الذين اكتفوا بالنقل دون تمحيص، وأكد أن المؤرخ يجب أن يكون على دراية بعلم الاجتماع والاقتصاد لفهم ما وراء الروايات.
  4. التكامل بين العلوم:مزج في تحليله بين الفقه والسياسة والاقتصاد والتاريخ والعمران، ما جعل فكره شاملًا وعابرًا للتخصصات.
إن فهم ابن خلدون لا يكتمل إلا بقراءته قراءة تحليلية تأويلية، تعي أن ما قدّمه ليس وصفًا للتاريخ فقط، بل محاولة لفهم قوانين صعود وسقوط الحضارات.

السنوات الأخيرة لابن خلدون والوفاة

بعد حياة حافلة بالتنقل بين بلاد المغرب والأندلس ومصر، استقر ابن خلدون في القاهرة، حيث نال مكانة علمية كبيرة، وأصبح من كبار القضاة المالكية في مصر. كما واصل إلقاء دروسه في الجامع الأزهر والمدرسة الظاهرية وغيرها، والتقى بالعلماء والطلاب الذين أخذوا عنه علمه وفكره.

وكانت له شهرة واسعة بين الحكام أيضًا، فقد شارك في بعض المهمات الدبلوماسية، وأشهرها لقاؤه بالغازي الكبير تيمورلنك سنة 803هـ/1401م خارج دمشق، حين خرج وفد العلماء لاستعطافه وتخفيف وطأة غزوه، وقد ترك هذا اللقاء أثرًا عميقًا في نفس ابن خلدون، وروى تفاصيله بدقة في المقدمة وكتابه التعريف بابن خلدون. 

في السنوات الأخيرة لإبن خلدون ضعف جسده بعد أن تجاوز سن السبعين، بينما ظل عقله متقدًا. أصيب ابن خلدون بوعكة صحية شديدة بالقاهرة، و ظل طريح الفراش أيامًا قليلة ثم أسلم الروح.

تاريخ الوفاة: توفي يوم الأربعاء، 25 رمضان سنة 808هـ الموافق 16 مارس 1406م، عن عمر ناهز نحو 74 سنة، في القاهرة – حيث كان يقيم منذ قدومه إليها سنة 784هـ..

دفن ابن خلدون في مقابر باب النصر بالقاهرة (شمال المدينة القديمة)، وهذه المنطقة كانت مخصصة لدفن عدد من كبار العلماء والوجهاء في العصر المملوكي
ودُفن في مقبرة الصوفية خلف باب النصر.

مكانة ابن خلدون وتأثيره

ابن خلدون يُعتبر علامة فارقة في الفكر الإنساني، فهو ليس مجرد مؤرخ أو فقيه أو سياسي، لكنه مفكر شامل سبق عصره، كونه وضع أسس علم جديد هو علم الاجتماع الذي أطلق عليه "العمران البشري"، و هو حجر الأساس لفهم المجتمعات وتطورها.

مكانته عند العرب والمسلمين:

كان مرجع رئيسي للمؤرخين العرب الذين جاءوا من بعده ولعدة قرون متعاقبة، لأنه جمع بين التحليل العقلي والرصد الواقعي، فقد كان العلماء المسلمون يرون فيه نموذجاً للفقيه اللي بيجمع بين الشرع والعقل، وبين السياسي الذي يكتب خبراته بموضوعية.
كتب ابن خلدون أصبحت مصدر فخر للحضارة الإسلامية، تُدرّس في مدارس وجامعات عدة في العالم الإسلامي.

تأثيره على الفكر الغربي:

عندما تُرجمت "المقدمة" للغات أوروبية من القرن السابع عشر، انبهر المفكرين الغربيين بعمق تحليل ابن خلدون ورؤيته للدول ومراحل تطورها.
مونتسكيو وفيكو وماركس وغيرهم استلهموا من أفكاره، خصوصًا عن صعود الدول وسقوطها، ودور الاقتصاد والعمل في بناء المجتمعات.
علماء الاجتماع مثل أوغست كونت اعتبروه من أوائل الذين وضعوا لبنات هذا العلم قبل ظهوره رسميًا في الغرب.
وإذا كان الغرب لم يكتشف عبقريته إلا في القرن التاسع عشر، فإن علينا نحن أن نعيده إلى موقعه الحقيقي: حجر الزاوية في نهضة فكرية عربية جديدة.

تأثيره المستمر:

يُنظر إلى ابن خلدون على أنه من أعظم العقول اللي أنجبتها الحضارة الإسلامية، حتى الآن تفرض الجامعات تدريس نظرياته كجزء من مناهج علم الاجتماع والتاريخ والاقتصاد.
 كما ان المؤسسات البحثية تعود لأفكاره عند تدريس وتحليل التحولات الحضارية والدورات التاريخية، بالإضافة إلى أن أفكار ابن خلدون مازالت حاضرة في النقاشات الفكرية الحديثة.

مكانة ابن خلدون ليست مرتبطة بزمن معين، لكنها ممتدة عبر القرون، إذ نجد ان له أثر في كل مجال: الاجتماع، السياسة، الاقتصاد، التاريخ، و هذا جعله من أساطين الفكر العالمي في الشرق والغرب معًا.
خاتمة
لقد تجاوز فكر ابن خلدون حدود عصره وجغرافيته. لم يكن مجرد مؤرخ، بل واضع أسس علم الاجتماع، ومحلل نفسي جماعي، ومفكر اقتصادي سبق مفاهيم السوق والعرض والطلب، ومهندس الدولة بمفاهيم العصبية والعمران.

مصادر ومراجع
موقع ويكيبيديا
موقع اليوم السابع
موقع بريتانيكا
كتاب المقدمة
كتاب العبر
دراسات عن ابن خلدون

رحاب يعقوب عباده
رحاب يعقوب عباده
تعليقات