حكاية أكاديمية أفلاطون: أقدم جامعة فى التاريخ | Plato Academy

في تلك المقالة سوف نسلط الضوء على حكاية أكاديميه أفلاطون الجامعة الأقدم على مر العصور، لنتعرف معكم على قصة نشأة تلك الجامعة والهدف منها في هذا الزمان الضارب جذوره في التاريخ القديم؟!
حكاية أكاديمية أفلاطون

قصة أكاديمية أفلاطون منارة العلم في العالم القديم

تلك المقالة تهتم بسرد قصة أكاديمية أفلاطون حيث تعد أكاديمية أفلاطون، هى منارة العلم القديم التي تأسست عام 387 قبل الميلاد في أثينا، من أعرق المؤسسات التعليمية في التاريخ.

أسسها الفيلسوف اليوناني الشهير أفلاطون، لتكون بمكانة مركز للتعلم والبحث الفلسفي، ولتخريج جيل من المفكرين القادرين على قيادة المجتمع.

كان لأكاديمية أفلاطون تأثير عميق على الفكر الغربي، حيث ساعدت على نشر الأفكار الفلسفية اليونانية في جميع أنحاء العالم، استمرت الأكاديمية في العمل لمدة قرون بعد وفاة أفلاطون، حتى تم تدميرها وإعادة بنائها ثم إغلاقها نهائيا.

نشأة أكاديمية أفلاطون

ونحن نسرد حكاية أكاديمية أفلاطون لابد أن نتكلم عن نشاة الأكاديمية ولكن هناك حدث هام قام به أفلاطون قبل أن يقرر إنشاء الأكاديمية حيث قامَ الفيلسوف أفلاطونْ برحلتهِ الأولى لصقلية.

لكنْ تلكَ الرحلةِ قدْ باءتْ بالفشلِ فعادَ إلى أثينا عامٌ 387 في القرنِ الرابعِ قبلَ الميلادِ في تلكَ الآونةِ بعدَ عودتهِ قامَ أفلاطونْ بإنشاء أكاديمية أفلاطون عن طريق شراءِ قطعةِ أرضٍ على مقربةٍ منْ قريةِ " كولونا ".

كانت تلك الأرضِ يطلقُ عليها الأكاديميةُ لأنها كانتْ تطلُ على بستانٍ لبطلٍ قديمٍ اسمهُ أكاديموسْ الذي كانَ يملكُ بستانا في نفسِ الموقعِ، ومنه استمدت أكاديمية أفلاطون إسمها.

تقعُ أكاديميةَ أفلاطونْ في ضواحي أثينا الشماليةِ الغربيةِ، خارجَ أسوارِ المدينةِ، على تلكَ الأرضِ أقامَ أفلاطونْ اكاديمية أفلاطون أولَ جامعةٍ في العالمِ عبرَ التاريخِ.

ليس لدينا معلومات دقيقة حول شكل و هندسة المبنى أو الأكاديمية لأنها قد مضى عليها قرون ولا يوجد للأكاديمية آثار أو بقايا من البناء ولكن يمكن بوجه عام تخيل أو تصور الشكل الذى تم عليه بناء الأكاديمية.

وهذا التصور على النحو التالي؛ أنها كانت تحتوي على معبد للآلهة بآثينا حينذاك، وحدائق يجتمع فيها الطلاب للحوار والمناقشة والترفيه كما يمكن تخيل أنها كانت تضم قاعات للدراسة وغرف لراحة الطلاب.

وبالطبع فإن مواد البناء التى تم استخدامها فى ذلك الوقت لابد أنها كانت الحجارة والطوب والخشب وتزيين بعض أجزاء من الأكاديمية بالرخام.

وكان من فوائد الأكاديمية للطلاب والدارسين فيها أن ساعدتهم على:

الحصول على فرصة التعلم من أعظم الفلاسفة فى ذلك الوقت مثل أفلاطون ومساعديه من الفلاسفة الذين تخرجوا من الأكاديمية.

كان من أهم ما تعلمه الطلاب هو تنمية مهارات التفكير النقدي لديهم و التى اكتسبوها من الحوارات والمناقشات الفلسفية مع بعضهم البعض وكذلك مع الفلاسفة.

اكتساب خبرات جديدة والتواصل مع مختلف الثقافات ويرجع ذلك لوفود الطلاب من عدة نواح مختلفة للدراسة في الأكاديمية.

وظلَ أفلاطولْ يعلمَ الطلابُ في تلكَ الجامعةِ لمدةِ أربعينَ سنةً ولمْ ينقطعْ عنْ ذلكَ إلا مرتانِ أثناءِ زيارتهِ لصقلية ، الزيارةُ الأولى عامَ 367 قبلَ الميلادِ والزيارةِ الثانيةِ كانتْ عامَ 361 ق . م، ثم استمر التدريس بها من بعده حيث مرت الأكاديمية بفترات من التطور يمكنك الإطلاع عليها من المقالة تطور أكاديمية أثينا.

هدف أفلاطون من إنشاء الأكاديمية

كانَ هدفُ أفلاطونْ الرئيسِ من إنشاء الأكاديمية هوَ تربيةُ وتخريج فئةٍ منْ الفلاسفةِ السياسيينَ يكون لهمْ القدرةُ على تطبيقِ نظريتهِ التربويةِ والاجتماعيةِ والسياسيةِ في مختلفِ أنحاءِ اليونانَ وفقا للمبادئِ المثاليةِ التي وضعها للعدالةَ.

وفي ذلكَ يقولُ الفيلسوف " بلوتاركْ "إنَ أفلاطونْ عنْ طريقِ أكاديميتهِ لمْ يكتفِ بوضعِ نظريةٍ مثاليةٍ في السياسةِ بلْ استطاعَ منْ خلالِ الأكاديميةِ والتطبيقِ أنْ يخرجَ مجموعةً منْ رجالِ السياسةِ والتشريعِ أمثالِ " ديونٍ " في صقلية و " بتونْ وهيراقليدْ " في ثراقيا و " اودوكسْ " و " أرسطو " اللذينِ وضعا قوانينُ لمدينتيْ " لكنيدوسْ " و " اسطاغبرا ".

العلوم التى كان يتم تدريسها فى أكاديمية أفلاطون

كان من أهم العلوم التى اهتم أفلاطون تدريسها فى الأكاديمية بالطبع هى الفلسفة والرياضيات، لأنه قام بإنشاء الأكاديمية لتعليم الفلسفة.

وكان يرى أنه لا يمكن تعليم الفلسفة بدون الرياضيات فهى شرط واجب لكى تتعلم الفلسفة من وجهة نظر أفلاطون حتى أنه كتب على باب الأكاديمية؛ " منْ لمْ يكنْ مهندساً فلا يدخلُ علينا ".

وكانَ تعليمُ الرياضياتِ في الأكاديميةِ يتضمنُ العلومَ التي أُشتهرتْ في العصورِ الوسطِ بعلومِ المجموعةِ الرباعيةِ وهيَ تشتملُ على الحسابِ والعددِ والهندسةُ والفلك .

وكان هناك أيضا علوم أخرى يتم تدريسها فى أكاديمية أفلاطون مثل علوم الطبيعة والكائنات الحية من إنسان ونبات وحيوان.

تلكَ هيَ العلومُ التي اهتمَ أفلاطونْ بتدريسها في الأكاديميةِ، ولمْ يتجهْ أفلاطونْ إلى تدريسها منْ أجلِ المنافعِ المحسوسةِ التي تكسبها تلكَ العلومِ ولكنَ أفلاطونْ كانَ يرى أنها ضروريةٌ كأرضيةٍ فكريةٍ يجبُ توافرها في الحاكمِ الفيلسوفِ ليتوصلَ إلى معرفةِ العالمِ الحقيقيِ أيْ عالمِ المُثُلِ .

وبما أنَ الهدفَ الأساسيَ لأفلاطونْ منْ إنشاءِ الأكاديميةِ هوَ تخريجُ طائفةٍ منْ الحكامِ والسياسةِ فكانَ منْ الطبيعيِ أنْ تكونَ دراسةُ الشرائعِ وأصولها وأنظمهُ الحكم هيَ منهجُ الدراسةِ ولذلكَ كانتْ الرياضياتُ عند أفلاطونْ تعتبرُ مدخلاً لا غنى عنهُ لفهمِ الفلسفةِ .

فكانَ الذي يحضرُ دروسهُ في الخيرِ يتوقعُ أنْ يسمعَ شيئا عنْ الفضائلِ فإذا بهِ لا يسمعُ إلا كلاما في الفلكِ والحسابِ وكلاما على العددِ والمعدود وغير ذلكَ منْ الأمورِ الرياضيةِ .

من الطريف والذى يجب أن ننوه له ونحن نتناول حكاية أكاديمية أفلاطون اقدم جامعة فى التاريخ أن هناكَ الكثيرُ ممنْ يعتقدونَ خطئا بأنَ أفلاطونْ اقتصرَ في الأكاديميةِ على تدريسِ السياسةِ ولمْ يهتمْ بعلومِ الحياةِ وعلومِ الطبيعةِ.

 فهناكَ الكثيرُ منْ الأدلةِ التي تؤكدُ أنَ الطلابَ بالأكاديميةِ كانَ يتلقونَ بها دروسا في علومِ الحياةِ - والدليلُ على ذلكَ - انتقادُ شعراءِ الملهاةِ لهذا النوعِ منْ الدراساتِ مثلٍ تصويرِ الشاعرِ " الديمقراطيِ " لطلبةِ الأكاديميةِ وهمْ يدرسونَ النباتاتُ ويفحصونها ويتعرفونَ على أنواعها المختلفة.

نظام التدريس فى أكاديمية أفلاطون

ركزتْ أساليبَ التدريسِ التي استخدمها أفلاطونْ فى تعليمه للطلاب وتميزت بها اكاديميته عن غيره من المدارس على الحوار والمناقشة خلال المحاضراتُ والندواتُ بالإضافةِ إلى الحوارِ بينَ المتعلمينَ وذلك خلال دراسة الفلسفة والرياضيات والعلوم الطبيعية.
نظام التدريس فى أكاديمية أفلاطون

  1. قبلَ مدرسةِ أفلاطونْ كانتْ هناكَ مدارسُ بسيطةٌ أوْ بالأحرى ندوات مدفوعةٍ الأجرِ لتعليمِ الطلابِ فنَ الخطابةِ مثلٍ مدرسةِ السوفسطائيينَ ومدرسهِ ايزوقراطسْ
  2. وكانتْ تلكَ المدارسِ تضيعُ الكتبُ ويشرحُ المعلمُ للطلابِ فيها موضعُ التأثيرِ الخطابيِ بهدفِ كيفيةِ التغلبِ على الخصومِ أوْ بهدفِ أنْ تخرجَ منْ اليونانيينَ أعداد مؤهلةٍ لتولي الوظائفِ التي ظهرتْ معَ ظهورِ الديمقراطيةِ .
  3. على العكسِ منْ ذلكَ كانَ أفلاطونْ يعارضُ الطريقةَ التي يتعلمُ بها الطلابُ في تلكَ المدارسِ ، وجعلَ التدريسِ بالمجانِ أسوةً بمعلم أفلاطون الأول "سقراطْ" وكانَ نظامُ التدريسِ في أكاديميتهِ يرتكزُ على الحوارِ منْ جهةٍ والبحثِ منْ جهةٍ أخرى .
  4. وجعلَ البحثُ حرا يقومُ على أساسِ الجدلِ والنقاشِ فلمْ يكنْ غرضُ أفلاطونْ منْ تأليفِ الكتبِ هوَ فرضها على الطلابِ للدراسةِ بلْ كانَ هدفهُ تسجيلَ الدروسِ التي يتمُ إعطاؤها الطلابُ منْ أجلِ أنْ تبقى أوْ منْ أجلِ أنْ يطلعَ عليها الذينَ همْ في خارجِ الأكاديميةِ.
  5. عُرفَ عنْ أفلاطونْ في أغلبِ تدريسهِ للطلابِ أنهُ لمْ يكنْ يحاضرُ منْ كتابِ أوْ حتى مذكراتٍ مدونةٍ ولكنْ كانَ بعضُ تلاميذهِ يقيدونَ عنهُ بعضُ المذكراتِ وبخاصةٍ محاضراتهُ في الخيرِ وكانَ يطلقُ على تلكَ المؤلفاتِ أحيانا الاسمُ المقالاتِ غيرَ المكتوبةِ مثلٍ مقالهِ التعريفاتِ لأفلاطونْ وهيَ مقالاتٌ يكونُ فيها الكلامُ مرسلاً دونَ حوارٍ.
وختاما فقد تناولنا فى المقالة شرح وتعريف حكاية أكاديمية أفلاطون اول جامعة فى التاريخ ونشأتها ونظام التدريس بها وما هو هدف أفلاطون من تأسيس الأكاديمية، و يمكنك قراءة المقال التالي إذا أردت التعرف على مراحل تطور الأكاديمية وتأثيرها .
رحاب يعقوب عباده
رحاب يعقوب عباده
تعليقات