مونديال قطر فى عقول الشرق والغرب, كيف يكون؟ / world cup in qatar

إننا الآن على أعتاب الحدث الأهم عالميا وعربيا حيث تستقبل دولة قطر العربية هذا العام مونديال كأس العالم لكرة القدم بقطر فى غضون أيام قلائل ، وتعود أهمية هذا الحدث إلى أنه لأول مرة فى تاريخ المونديال منذ 1930 تُقام تلك البطولة فى دولة عربية ذات أغلبية مسلمة مما يضفى الكثير من الإعتبارات على تلك البطولة والتى تستعد لها قطر منذ ترشيحها عام 2010
مونديال قطر فى عقول الشرق والغرب

حكاية كأس العالم لكرة القدم فى قطر

فى بعض الأحايين قد تتمنى المرأة ان لو كانت ذكراً حتى يتسنى لها أن تفعل أشياء هى فى نظر الآخرين محسوبة على الرجال دون النساء ومن بين تلك الأشياء لعبة كرة القدم.

تلك الساحرة المستديرة التى سيطرت على العقول وملكت شغاف القلوب لدى الصغار والكبار على حد سواء ليس فى مجتمعاتنا الشرقية وحسب بل فى كل الأقطار والأمصار العالمية.

فلا يوجد رياضة من بين أنواع وفنون الرياضات جميعا احتلت مكانة كتلك المكانة التى تستحوذ عليها كرة القدم فى النفوس، ولمَ لا .. ؟! فهى إلى جانب ما تضيفه إلينا من المتعة والترفيه والترويح عن النفس وسلامة الأبدان فهى أيضا تؤلف بين قلوب الأفراد والجماعات والدول أحيانا.

وقد يختلف أشخاص وتتفاقم بينهم الشحناء ثم تجدهم يجتمعون على طاولة واحدة لتشجيع ناديهم المفضل أو منتخبهم الوطنى دون أن يجدوا فى نفوسهم لذلك غضاضة تُذكر.

بل إن كرة القدم وخاصة بعد ما نعيشه من تقدم تكنولوجي ومعلوماتى أصبحت من العوامل المؤثرة فى إقتصاد الدول ورفاهيتها وفى طليعتها الدول الرأسمالية .

والمتابع الجيد لتلك الإستعدادات التى تقوم بها قطر للمونديال ينبهر مما يشاهده من مبانٍ فاخرة وفنادق عائمة وإستادات أيقونية صديقة للبيئة تعمل بالطاقة الشمسية وذات خصائص تتغلب على مشاكل البيئة الصحراوية.

كما تم تصميمها بصورة تعكس الثقافة العربية الأصيلة حتى يتعرف الأغيار على تراثنا وعادتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية مما يترك أفضل الأثر فى نفوس هؤلاء وتصيبهم الدهشة منذ الوهلة الأول التى تطأ فيها أقدامهم أرض قطر حتى يؤذن لموعد الرحيل.

وهو ما شهد به رئيس الإتحاد الدولى لكرة القدم ( جياني إنفانتينو ) قائلا أن المونديال فى دورته الحالية الثانية والعشرون ستكون النسخة الأفضل على الإطلاق فى تاريخ المونديال .

مونديال قطر فى عقل العربي والغربي

ولكن للأسف لكل نجاح ضريبته . فكثير الغربيين من أصحاب البصيرة الواعية لخطورة نجاح تلك الدورة فى صورتها العربية ومدى تأثيرها على العرب والإسلام خاصة يحاولون النَيل من عزيمة قطر.

فنراهم يقومون بحملة شعواء شرسة ضدها فقد كانوا يراهنون سابقا على عدم قدرة قطر على تحمل التنظيم والإستعداد للمونديال لكنهم صُعقوا مؤخرا وثارت حميتهم وأصابهم العمى من فرط نور الحقيقة التى أضاءت ظلمتهم بسبب تلك الصورة المغايرة تماما لتوقعاتهم فقد ظهرت لهم قطر كأنها عروس تتزين بأجمل حُلة فى ليلة زفافها تلفت لها أنظار القاصى والدانى .

والقارىء لكتاب ( الإستشراق ) للكاتب والمفكر الكبير إدوارد سعيد ( أمريكى من أصول عربية فلسطينية ) سيدرك تماما أبعاد تلك الهجمة الشرسة ضد إقامة كاس العالم فى قطر.

فالشعوب الغربية مغبونة فى معرفتها للعرب والإسلام لأن هذا ما أُريد لهم ولنا فهم يستقون معرفتهم ومعلوماتهم عنا من كتب المستشرقين التى كُتبت منذ الحملة الفرنسية على مصر 1798 م بقيادة نابليون وحتى الحرب الأمريكية على العراق2003 م.

يصورون فيها العرب والمسلمين على أنهم مجرد شعوب متخلفة وقبائل رعوية ولا تخضع للصيرورة الزمنية والتطوير ولا يستطيعون ان يُمثلوا أنفسهم ويجب أن يمثلهم أحد غيرهم وبالتالى فإن هذا الغير هو الغرب .

وقد قام إدوارد سعيد فى كتابه سالف الذكر بكشف النقاب وتعرية تلك الكتابات الإستشراقية وأوضح أنها كتابات ممنهجة تخضع لسياسة مرسومة ومدروسة لها أهداف إستعمارية وإمبريالية بهدف السيطرة على الشرق ومقدراته .

وبالتالى إذا كانت تلك هى صورة العرب والإسلام أو ( الآخر ) فى مخيلتهم فالبسطاء منهم يتسائلون كيف تنظم دولة عربية بتلك الصفات حدث عالمى كهذا ..؟! فكيف سيسمحون لتلك الصورة المتكونة عن العرب والإسلام فى عقول شعوبهم أن تُمحى من عقولهم بهذه البساطة... أى بركلة كرة ....لذا لابد من عَمل شىء ما كتلك الدعوة الغربية لمقاطعة مونديال قطر .

أهمية مونديال قطر للعرب

و كل ما أسلفناه من قول يجعلنا ندرك جيداً مدى أهمية أن تقوم دولة عربية بتنظيم مثل هذا الحدث العالمى بل إنه فى صورته الحالية بشهادة المتخصصين أن مونديال قطر هو الأفضل على مدار الفيفا فى كل شىء.

وبالتالى يحمل بين طياته الكثير من التغيير لتلك الصورة المتمثلة فى عقول وأذهان كل الزائرين من مختلف الجنسيات عن العرب والدين الإسلامى.

وقد يظن ظانٍ أننا بهذا نريد إستعطافهم او شراء رضاهم وإستجدائهم بل الأمر يعود إلى ضرورة أن يتفتق ذهن هؤلاء على حقيقة الإسلام والصورة الصحيحة للعروبة والوقوف على الخصال الأصيلة للإنسان العربي والمعرفة الحقة لتراثنا وأمجادنا وتاريخنا العظيم.

وذلك بهذف إزالة تلك الصورة الشوهاء عنا وعن كاهل ديننا الحنيف وعن عروبتنا فنحن هنا فى موقف الدفاع عن النفس والدين والوطن ضد عصور من التهميش و التجهيل المتعمد والعنصرية التى فُرضت علينا.

فالحدث جلل يا سادة وبصورته الحالية سيُحدث زلزالا عنيفا فى نفوس هؤلاء وصدمة مدوية لم تكن فى الحسبان بالنسبة لهم ،لذا يجب أن تتضافر جهود كل العرب لتتقابل فى نقطة واحدة.

وهى نجاح مونديال قطر ونستنهض الهمم لدى كل شخص عربى ومسلم لمساندة قطر ودعمها حتى ولو بالتشجيع فقط ونشر الوعى بأهمية أن يقام ذلك الحدث فى بلد عربى مسلم و التعرف على سمات المسلم و الحضارة العربية عن قُرب .

حكمة إلاهية

وكأنى أنظر لهؤلاء وأراقب حسرتهم من ما يحدث فى كأس العالم لكرة القدم بقطر ، فالعداء للإسلام والعرب مغروس فى نفوسهم منذ الأزل والذى تم ترجمته فى صورة حروب صليبية على ديار الإسلام.

ثم تلتها موجة شرسة من الإستعمار والإحتلال تلو الإحتلال لسرقة كنوزنا وأرضنا من أجل رفاهية شعوبهم ودحر الإسلام ، ولم يكتفوا بذلك بل نشروا الفتن وأشعلوا فتيل الحرب فيها وقسموا أهلها شيعا وأحزاب.

ومن غفلتهم اختزلوا الدول العربية جميعا فى مثلث أضلاعه ثلاث دول هى فى نظرهم يقع علي عاتقها عِبء و حماية العرب والدين لِما لهذه الدول من العراقة والحضارة المتعارف عليها .

وكذلك لمساحتها الجغرافية الشاسعة ( العراق-سوريا-مصر ) ففعلوا بها الأفاعيل وشغلوها بنفسها فلم يعد يُرجى منها فى حاضر العرب ومستقبل الدين أكثر من ما قدمت فى الماضى ولن تستطيع .

ولكن هؤلاء لا يقعون على حقيقة أسرار الله التى لا تخضع للمساحات الشاسعة ولا تقيدها حضارة عريقة ،بل تكمن أسراره حيث تطلب مشيئته وحين يقول لها كن فتكون.

فتجلت قدرته هنا فى قطر حيث أودعها حكمته فخرجت قطر للعالم كالعنقاء من تحت كل هذا الدمار لتنوب عن العرب جميعا فلا صغر مساحتها ولا ضآلة دورها العربى أو حداثتها من بين الدول قد حال دون أن تكون عنوانا للعروبة وتعاليم الدين القويم .

وختاما فإن قلوبنا معلقة بالدعوات أن يحفظ الله قطر أرضا وشعبا وقيادة وكل مَن تخطو قدماه ارضها من كل الأجناس والأديان والمذاهب .
رحاب يعقوب عباده
رحاب يعقوب عباده
تعليقات