أماكن الفكر: حياة المنفى لإدوارد سعيد

مقالة نتناول فيها ملخص كتاب إدوارد سعيد أماكن الفكر من تأليف تلميذ إدوارد الكاتب تمثي برنان، تعرف معنا كيف كانت هجرة سعيد وحياته فى المنفي وموقفه من القضية الفلسطينية.
إدوارد سعيد اماكن الفكر

ملخص كتاب إدوارد سعيد أماكن الفكر

يتضمن كتاب إدوارد سعيد أماكن الفكر بين دفتيه مقدمة وتمهيد واثني عشر فصلا وببليوغرافيا سوف نتناوله بشىء من الإيجاز من خلال عرض أهم الأفكار الوارده بالكتاب كما يلي.

أماكن الفكر هو كتاب كتبه أحد تلامذة سعيد ويعد هذا الكتاب سيرة حياة ثقافية لإدوارد سعيد وهذه السيرة تلقي الضوء على السيرة الذاتية التي كتبها سعيد بنفسه قبل وفاته (خارج المكان )، وكان سعيد ينوي كتابة جزء ثان منها إلا أن الموت باغته لذلك تأتي تلك السيرة التي كتبها تلميذه تكملة لما عجز عنه سعيد في حياته.

يقدم المؤلف معلمه باعتباره شخصية تحمل الواقع معها على رافعة واقع جديد لتحدث فيه تغيير من دون أن يصاب الواقع الجديد بعدوى الجمود من الواقع المطلوب تغييره .

مَن هو إدوارد سعيد

إدوارد سعيد هو الكاتب والناقد الفلسطيني الأمريكي والمفكر والناشط ويعد من أهم المفكرين الذين غيروا نمط التفكير في نصف القرن الأخير .
  1. ولد إدوارد سعيد ونشأ في القدس ثم رحل هو وعائلته الى القاهرة أثناء الإنتداب البريطاني لفلسطين وبعدها هاجر الى أمريكا وحصل على الجنسية الأمريكية واستقر فيها للدراسة حتى حصل على مقعد للتدريس في جامعة كولومبيا وأصبح من البارزين فيها وعمل فيها ناقدا للأدب المقارن.
  2. كان سعيد معتداً بنفسه ويحتاج باستمرار الى الحب والدعم المعنوي فكان مزاجه يسوء سريعا عندما يُنتقد ويسارع في الرد كما كان أحيانا يتحمل المزاح كما كان لديه ولاء عميق لأصدقائه.
  3. كان سعيد واسع الإطلاع غزير الثقافة اعتلى الكثير من حقول التاثير فقد كان كاتبا ومفكرا ومديرا للأوركسترا ومفوضا من أجل الحقوق الفلسطينية في وزارة الخارجية الأمريكية.
  4. وقد عمل بالتمثيل في بعض الأفلام وله نشاطا بارزا في القضية الفلسطينية للدفاع عن الفلسطينيين ضد العدوان الإسرائيلي مما جعل الكثير ينظرون إليه نظرة عدوانية وعلى أنه يمثل الإرهاب ويدافع عنه.
  5. فكانت لآرائه الكثير من الصدى والضجيج في المجتمع الأمريكي والثقافي بين الشباب والمثقفين وطلاب الجامعة، لأنه كان بمثابة مرآة لشعور العالم الثالث.
ينظر المؤلف فى كتابه إدوارد سعيد أماكن الفكر الى معلمه على أنه أكبر من الواقع بكثير فهو لم يتأثر بأمريكا بقدر ما أثر هو فيها، فقد استطاع أن يحرك المياه الراقدة في المجتمع الأمريكي بدلا من أن يذوب فيه.
فهو لم ينصهر في أمريكا كما إنصهر فيها غيره من المهاجرين بل كان دائما يشعر أنه في المنفى فأمريكا ليست موطنه الأصلي كما أن موطنه الأصلي لا يستطيع الوصول إليه أو التعايش معه.

أهم مؤلفات إدوارد سعيد

فى كتاب أماكن الفكر يقوم الكاتب بتفصيل وشرح وتحليل كل أعمال إدوارد سعيد ويسلط الضوء على ظروف كتابة كل كتاب من كتب سعيد وأفكاره الواردة فيه وتأثير أعماله فى المجتمع الثقافي الأمريكي والعربي.
وقد كانت أغلب أعماله تتناول القضية الفلسطينية وظروف الشرق الأوسط وآلامه وتحدياته ومن أكثر اعماله كتاب ( الإستشراق ) وكتاب ( الثقافة والإمبريالية ) وكتاب ( القضية الفلسطينية ) وغيرها.

الأدب فى فكر إدوارد سعيد

  • يهتم الكاتب فى كل صفحات الكتاب بإبراز الكُتاب والمفكرين والفلاسفة الذين تأثر بهم سعيد على مدار حياته وخاصة فى عالم الأدب وأغلبهم من الأدباء الإنجليز، وكأن الأدب فى فكر إدوارد سعيد ليس مجرد مهنة يحبها بل هو الأساس الذى تقوم عليه أفكاره السياسية.
  • ومن خلال محاضرات الجامعة إستطاع ان ينقل حركات الشارع وثوراته إلى قاعات التدريس من خلال المحاورات واللقاءات والمناقشات الأمر الذى جعل له الكثير من النقاد وسبب له العديد من المشاكل داخل الجامعة وخارجها .
  • وقد ركز الكاتب على دور الأديب (جورج لوكاش) فى تجربة سعيد الأدبية ومدى التاثير الخاص الذى تركه فى إنجازاته جملة وتفصيلا ، فقد كان إدوار ينتمي الى النظرة التي يتبناها لوكاش في الواقعية.
  • وكانت نظرة لوكاش للواقعية تعني أن يحمل الروائي أو المثقف والأديب الواقع المعطوب ويتدبر أمره بطريقه مغايره لتلك التي يتعامل بها التقليديون والمحدثون التجريبيون فكان سعيد يسير وفق منهج نقدي يتحدى به عطب الواقع بجرئته المعهودة.
  • وقد كان سعيد لا يفضل كتابه الروايه وأقصاها من أجندته خشية من أن تعجز الرواية عن الإضطلاع بالدور الإيجابي مقارنة بالفكر النقدي في مواجهه الواقع.
  • كان سعيد يرى أنه من المهم ألا يقع الناقد الأدبي فريسة الرغبة الإستطيقية التي تضعه في دور الفنان لأن قصارى ما يطمح له الناقد هو أن يكتب ليُفهم وهذا فيه من الفن ما يكفي.
  • كما اهتم الكاتب فى عرض إنجازات سعيد بالإشارة إلى مفهوم ( الجغرافيا المتخيلة ) والتى تعد البوصلة في قراءه أبعاده الفكرية والتي تظهر جلية وواضحة منذ البداية في كتابه الثقافة والإمبريالية والتي جعلها مظلة للخطاب الإستعماري فهى فى رأيه الفضاء الذي يلج فيه الإستعمار.
  • كما يسلط الضوء على ولع سعيد بالطباق فكان سعيد يرى أن بنية المجتمع طباقية أكثر منها تهجينية .

أهم إنجازات إدوارد سعيد الفكرية

من إنجازات سعيد والتى يسلط الكاتب عليها الضوء أنه جعل العلوم الإنسانية علوما لا يمكن تجاهلها وعلوما مقلقة أكثر لقادة الرأي في كل من أمريكا وأوروبا والشرق الأوسط، فقد فضح الفظائع التي ارتكبتها الإمبراطوريات الأوروبية والأمريكية.
أحيا معيارا أخلاقيا وهو أن ما حدث في الماضي لم يعد فهمه خارج إمكانياتنا بل يمكن استعادته وفهمه من خلال عمليه التفسير فعمل بذلك على نقل العلوم الانسانية من الجامعة الى مركز الخريطة السياسية وكل ذلك يظهر وضوحه في مختلف أعماله الفكرية والأدبية.

موقف إدوارد سعيد من القضية الفلسطينية

يولي الكاتب أهمية شديدة للقضية الفلسطينية فى حياة سعيد فيسرد موقفه منها ويبرز دوره تجاهها وعلاقته بمنظمة وحركة التحرير الفلسطينية فى أوقات الوفاق وكيف تحول ذلك الوفاق إلى ضغينة وشقاق بعد إتفاقية أوسلو والتى رأى فيها سعيد الخضوع والإستسلام وضياع الحقوق للشعب الفلسطيني إلى الحد الذى اتُهم فيه بانه عميلا سريا للأمريكان والصهاينة.

المرض ووفاة إدوارد سعيد

فى نهاية كتاب إدوارد سعيد أماكن الفكر يعرض الكاتب للمعاناة التي كان يحياها سعيد في مرحلة مرضه بسرطان الدم أو اللوكيميا وكيف تأقلم معه الى أن وافته المنية واختار ألا يدفن في فلسطين وقد دفن في مكان يرقد فيه مرتاحا ببيروت ليس هو مكانه تماما لكن أين مكانه الحقيقي هو ما عبر عنه الكتاب بعنوان ( أماكن الفكر) حياة لإدوارد سعيد.
وختاما فقد تناولنا فى تلك المقالة تسليط الضوء على كتاب إدوارد سعيد اماكن الفكر، والذى يعرض فيه الكاتب الجوانب عدة فى حياة إدوارد سعيد من النشأة والتعليم وحياة المنفى والفكر والأدب والوفاة ودور إدوارد سعيد فى القضية الفلسطينية.
رحاب يعقوب عباده
رحاب يعقوب عباده
تعليقات